عودة الأمل- جوزيف عون يضيء مستقبل لبنان دولة القانون
المؤلف: عبدالرحمن الطريري10.19.2025

بعد مرور ما يربو على سبعمائة يوم عصيبة على لبنان، منذ أن غادر الرئيس ميشيل عون سدة الحكم، أخيراً، يزيل القصر الجمهوري العريق "قصر بعبدا" آثار طول الشغور الرئاسي المقلق، مرحباً بدخول قائد الجيش القدير العماد جوزيف عون. هذا الانتخاب التاريخي جاء بعد عام كامل من تعمد رئيس المجلس عدم الدعوة إلى جلسات انتخابية، متحججاً بعدم وجود توافق وطني شامل، وبعد إصرار سابق من حزب الله على دعم ترشيح سليمان فرنجيه، وغياب تام لأي توافق مسيحي حول مرشح موحد يحظى بالإجماع.
لقد شهد لبنان خلال العام المنصرم تحولات جمة على الصعيدين الداخلي والإقليمي، تركت بصماتها القاسية عليه وألحقت دماراً واسعاً بالعديد من مناطقه، وأصبح البلد، المثقل بتبعات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، في أمس الحاجة إلى استعادة أنفاسه المهدورة ولملمة جراحه العميقة.
ومن اللافت للنظر في المشهد اللبناني، بعد الخسائر التي تكبدها حزب الله وتراجع نفوذ نظام الأسد، الحكمة التي تحلى بها الزعماء السياسيون، بدءاً برئيس مجلس النواب المحنك نبيه بري، ومروراً بالسياسي المخضرم سمير جعجع والزعيم الدرزي العريق وليد جنبلاط، الذي كان من أوائل المبادرين لزيارة دمشق الجديدة، الأمر الذي يعكس بعد نظره وحرصه الشديد على مصالح طائفته، وصولاً إلى فخامة الرئيس الجديد جوزيف عون، الذي قال في كلمته المؤثرة أمام النواب: "إذا انكسر منا واحد انكسرنا جميعاً".
الشغور الرئاسي الذي طال أمده لأكثر من عامين، كان مجرد عَرَض من أعراض الداء اللبناني المزمن، والذي يتجلى في غياب هيبة الدولة وتآكل الإيمان بسلطتها، وله صور عديدة لا تقل خطورة عن غياب السيطرة الفعالة على المعابر الحدودية مع الشقيقة سورية، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تدفق النازحين السوريين نحو الجنوب، وتدفق البنزين والمواد التموينية المدعومة نحو الشمال، لا سيما بعد فرض عقوبات "قيصر" الأمريكية الصارمة على نظام الرئيس بشار الأسد.
إن ذروة الفساد المستشري في جسد الدولة، والذي نخر عظامه وأضعف بنيانه، تمثلت في الإغلاق المفاجئ للبنوك اللبنانية وتبخر مدخرات المودعين البسطاء، إن وقوع مثل هذا الأمر في أي دولة في العالم يعتبر جريمة نكراء، أما أن يحدث في أول بلد عربي شهد نشأة المصارف منذ أكثر من قرن ونصف القرن، فإن ذلك يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
اليوم، تأتي كلمة الرئيس جوزيف عون بمثابة كشف حساب دقيق لمواطن الخلل، وتسليط الضوء الكاشف على شكل الدولة المنشودة، والتي أساسها بلا شك دولة القانون والعدالة، والقانون لا يمكن أن يكون نافذاً وفاعلاً إلا إذا طبق على الجميع دون استثناء أو محاباة، ولا توجد إهانة للقضاء أشد مما حدث مع قضاة التحقيق في قضية تفجير المرفأ المأساوي، الذي ذهب ضحيته المئات من الأبرياء بين قتيل وجريح، ودمر مناطق واسعة من العاصمة بيروت.
حيث ذكر الرئيس في كلمته: "إذا أردنا أن نبني وطناً راسخاً وقوياً، فإنه يتعين علينا جميعاً أن نكون تحت سقف القانون والقضاء العادل"، كما أشار في كلمته البليغة إلى لاءات أربع حاسمة: لا للتدخل السافر في عمل القضاء، ولا حصانات واقية لمجرم أو فاسد مهما علا شأنه، ولا وجود مطلق للعصابات الإجرامية وتهريب المخدرات وغسيل الأموال القذرة.
والأهم من كل ذلك، حتى تسير الدولة قدماً وتمارس أعمالها في تلبية الحاجات الملحة للمواطنين وتسهيل حركة السياحة والتجارة والزراعة، هو أن يتم تشكيل حكومة وطنية جامعة، يكون رئيس وزرائها، ولأول مرة منذ عام 2005، يتمتع بخيارات أوسع من أن يرضخ للضغوط أو يخشى التهديدات، فزمن الخوف والترهيب الذي لازم اللبنانيين منذ دخول النظام السوري في ثمانينات القرن الماضي وحتى العام الماضي يجب أن يزول بلا رجعة وأن يطوى إلى الأبد.
قد لا يكون لبنان قد تعافى تماماً بعد.. ومن السابق لأوانه ومجرد ضرب من ضروب الرومانسية والأحلام الوردية القول بذلك، ولكن بلا شك فقد عاد الأمل إلى قلوب اللبنانيين بعودة الاستقرار والازدهار.. عادت بشائر الدولة القوية والسيدة.. إنها تشبه رائحة منقوشة الزعتر اللذيذة التي ننتظر نضوجها بلهفة وشوق.. رغم أننا ندرك تمام الإدراك أن القضمات الأولى منها ستكون حارقة ولاذعة.
لقد نهض لبنان في الماضي من أتون الحرب الأهلية بفضل اتفاق الطائف السعودي.. واليوم يعود إلى الفرح والأمل بدعم سخي من المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي.. وكل الرجاء والأمل معقود على أن ينهض لبنان من كبوته وينتقل من مجرد بشائر الأمل إلى الثقة الراسخة في دولته ومؤسساته، وهي رحلة الانتقال الصعبة من الأقوال المعسولة إلى الأفعال الملموسة.
لقد شهد لبنان خلال العام المنصرم تحولات جمة على الصعيدين الداخلي والإقليمي، تركت بصماتها القاسية عليه وألحقت دماراً واسعاً بالعديد من مناطقه، وأصبح البلد، المثقل بتبعات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، في أمس الحاجة إلى استعادة أنفاسه المهدورة ولملمة جراحه العميقة.
ومن اللافت للنظر في المشهد اللبناني، بعد الخسائر التي تكبدها حزب الله وتراجع نفوذ نظام الأسد، الحكمة التي تحلى بها الزعماء السياسيون، بدءاً برئيس مجلس النواب المحنك نبيه بري، ومروراً بالسياسي المخضرم سمير جعجع والزعيم الدرزي العريق وليد جنبلاط، الذي كان من أوائل المبادرين لزيارة دمشق الجديدة، الأمر الذي يعكس بعد نظره وحرصه الشديد على مصالح طائفته، وصولاً إلى فخامة الرئيس الجديد جوزيف عون، الذي قال في كلمته المؤثرة أمام النواب: "إذا انكسر منا واحد انكسرنا جميعاً".
الشغور الرئاسي الذي طال أمده لأكثر من عامين، كان مجرد عَرَض من أعراض الداء اللبناني المزمن، والذي يتجلى في غياب هيبة الدولة وتآكل الإيمان بسلطتها، وله صور عديدة لا تقل خطورة عن غياب السيطرة الفعالة على المعابر الحدودية مع الشقيقة سورية، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تدفق النازحين السوريين نحو الجنوب، وتدفق البنزين والمواد التموينية المدعومة نحو الشمال، لا سيما بعد فرض عقوبات "قيصر" الأمريكية الصارمة على نظام الرئيس بشار الأسد.
إن ذروة الفساد المستشري في جسد الدولة، والذي نخر عظامه وأضعف بنيانه، تمثلت في الإغلاق المفاجئ للبنوك اللبنانية وتبخر مدخرات المودعين البسطاء، إن وقوع مثل هذا الأمر في أي دولة في العالم يعتبر جريمة نكراء، أما أن يحدث في أول بلد عربي شهد نشأة المصارف منذ أكثر من قرن ونصف القرن، فإن ذلك يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
اليوم، تأتي كلمة الرئيس جوزيف عون بمثابة كشف حساب دقيق لمواطن الخلل، وتسليط الضوء الكاشف على شكل الدولة المنشودة، والتي أساسها بلا شك دولة القانون والعدالة، والقانون لا يمكن أن يكون نافذاً وفاعلاً إلا إذا طبق على الجميع دون استثناء أو محاباة، ولا توجد إهانة للقضاء أشد مما حدث مع قضاة التحقيق في قضية تفجير المرفأ المأساوي، الذي ذهب ضحيته المئات من الأبرياء بين قتيل وجريح، ودمر مناطق واسعة من العاصمة بيروت.
حيث ذكر الرئيس في كلمته: "إذا أردنا أن نبني وطناً راسخاً وقوياً، فإنه يتعين علينا جميعاً أن نكون تحت سقف القانون والقضاء العادل"، كما أشار في كلمته البليغة إلى لاءات أربع حاسمة: لا للتدخل السافر في عمل القضاء، ولا حصانات واقية لمجرم أو فاسد مهما علا شأنه، ولا وجود مطلق للعصابات الإجرامية وتهريب المخدرات وغسيل الأموال القذرة.
والأهم من كل ذلك، حتى تسير الدولة قدماً وتمارس أعمالها في تلبية الحاجات الملحة للمواطنين وتسهيل حركة السياحة والتجارة والزراعة، هو أن يتم تشكيل حكومة وطنية جامعة، يكون رئيس وزرائها، ولأول مرة منذ عام 2005، يتمتع بخيارات أوسع من أن يرضخ للضغوط أو يخشى التهديدات، فزمن الخوف والترهيب الذي لازم اللبنانيين منذ دخول النظام السوري في ثمانينات القرن الماضي وحتى العام الماضي يجب أن يزول بلا رجعة وأن يطوى إلى الأبد.
قد لا يكون لبنان قد تعافى تماماً بعد.. ومن السابق لأوانه ومجرد ضرب من ضروب الرومانسية والأحلام الوردية القول بذلك، ولكن بلا شك فقد عاد الأمل إلى قلوب اللبنانيين بعودة الاستقرار والازدهار.. عادت بشائر الدولة القوية والسيدة.. إنها تشبه رائحة منقوشة الزعتر اللذيذة التي ننتظر نضوجها بلهفة وشوق.. رغم أننا ندرك تمام الإدراك أن القضمات الأولى منها ستكون حارقة ولاذعة.
لقد نهض لبنان في الماضي من أتون الحرب الأهلية بفضل اتفاق الطائف السعودي.. واليوم يعود إلى الفرح والأمل بدعم سخي من المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي.. وكل الرجاء والأمل معقود على أن ينهض لبنان من كبوته وينتقل من مجرد بشائر الأمل إلى الثقة الراسخة في دولته ومؤسساته، وهي رحلة الانتقال الصعبة من الأقوال المعسولة إلى الأفعال الملموسة.
